يمكن القول أن تبويب موازنة الأداء يختلف عن التبويبات الأخرى، حيث أن غرض تبويب الأداء يتمثل في التأكد من أن الأشياء التي تشتريها الحكومة لا تحسب وتصنف بحسب طبيعتها، باعتبارها كأشياء،وإنما يستلزم أن تنظم وتجمع وفقا للأنشطة المعدة لخدمتها، ومن هنا يتضح الفرق بين تبويب الأداء وبين التبويب التقليدي للموازنة العامة في الطريقة التي ينظر بها أو تجمع بواسطتها السلع والخدمات المشتراة ، فعلى سبيل المثال في ظل تبويب الأداء يعتبر الطن المشترى من الإسمنت جزءا من المدرسة، ويتم التركيز هنا على العملية أو الانجاز، ويتضح من هذا أن تبويب الأداء يهيئ الرابطة بين المشتريات وبين الإنجازات الأمر الذي عاب التبويب التقليدي للموازنة العامة.
بعد أن استعرض Burkhead تبويبات الموازنة العامة المختلفة أورد الشكل التالي لتوضيح العلاقة بين كافة أنواع التبويب والغرض منها:
الشكل رقم 11 العلاقة بين كافة أنواع التبويب والغرض منها
الغرض من التبويب نوع التبويب
تكوين البرامج تبويب اقتصادي
تبويب وظيفي
التحليل الاقتصادي برامج
إنجاز
تنفيذ الموازنة تنظيم
تبويب حسب أغراض الصرف.
المصدر: 132 J.Burkhead . Governement , Budgeting OPCT, P
3- اعتماد وتنفيذ الموازنة
3-1- السلطة المختصة بالاعتماد
إذا كانت مرحلة الإعداد والتحضير قد أسندت إلى السلطة التنفيذية باعتبارها الأقدر على ذلك، أما مرحلة الاعتماد فتنفرد به السلطة التشريعية باعتبار أنها جهة الاختصاص التي تتولى مراجعة الحكومة في جميع أعمالها، بالإضافة إلى كونها ممثلة الشعب بوصفه مصدر كل السلطات في النظم الديمقراطية.
يعتبر حق السلطة التشريعية في اعتماد الموازنة من الحقوق الرئيسية التي اكتسبتها السلطة التشريعية عبر التطور التاريخي، وعليه فإن اعتماد السلطة التشريعية للموازنة لابد أن يسبق التنفيذ، بمعنى أن السلطة التنفيذية لا تستطيع البدء في تنفيذ الموازنة إلا بعد اعتمادها من طرف السلطة التشريعية.
3-2- إجراءات اعتماد الموازنة
بعد أن تقوم السلطة التنفيذية بإعداد مشروع الموازنة تقوم بعرضه على السلطة التشريعية حيث يقوم وزير المالية بإلقائه على البرلمان لأنه يمثل الشعب الذي يتحمل الأعباء المالية اللازمة لتغطية الإنفاق العام.
يخضع اعتماد الموازنة لإجراءات دستورية تستهدف الانتهاء من بحثها في حينها حيث يتعين عرض مشروع الموازنة على السلطة التشريعية قبل بداية السنة المالية نظرا لزيادة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، أصبحت الموازنة وثيقة معقدة يصعب فهمها لدى العامة.
غالبا ما يكون هناك لجان مختصة لمناقشة مشروع الميزانية، ومعظم ما يدور حوله النقاش هو جانب النفقات وعلى الأخص على التغيرات المقترحة في مشروع الميزانية بعد التعديلات التي تجريها اللجان المختصة.
وبعد المناقشة والتداول يكون واحد من النتائج الثلاث:
- اعتماد مشروع الموازنة وبعدها يطلق عليه قانون الموازنة.
- رفض مشروع الموازنة وهذا الإجراء في المجتمعات الديمقراطية يؤدي إلى تغيير سياسي مثل استقالة الحكومة أوحل البرلمان.
- اعتماد مشروع الموازنة بعد إدخال بعض التعديلات عليه فإن هذه المرحلة تنتهي بصدور قانون الميزانية أو صدور الميزانية العامة كوثيقة قانونية قابلة للتنفيذ.
3-3- تنفيذ الموازنة
يقع على عاتق السلطة التنفيذية وحدها مسؤولية التنفيذ، وتقوم به من خلال الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، حيث يتم في هذه المرحلة جباية الإيرادات وصرف النفقات حسب الاعتماد المخصص لكل دائرة،ويتم الإنفاق من خلال الوحدات الإدارية وفقا لما هو مخول لها قانونا.
ويمكن توضيح عملية التنفيذ وبشكل مختصر من خلال المراحل التالية:
3-3-1- عمليات الصرف
تهيمن وزارة المالية على عمليات الصرف في جميع الأجهزة والمصالح الحكومية التابعة لها عن طريق من ينوب عنها، وتمر عملية الصرف بأربعة مراحل متتالية يمكن تلخيصها فيما يلي:
أ-الارتباط بالنفقة: ويحصل هذا الارتباط عندما تتخذ السلطة التنفيذية قرار ينتج عنه دين في ذمة الدولة يجب سداده (التوقيع على شراء سلعة ...الخ.
ب- تحديد النفقة: وهو قرار تصدره الجهة المختصة (السلطة التنفيذية) بتقدير المبلغ المستحق للدائن وخصمه من الاعتمادات المقرر في الموازنة.
ج- الإذن بالصرف: وهو الأمر الموجه إلى أمين الصندوق في الدوائر المعنية يدفع مبلغ من المال لشخص ما (الدائن) علما أن هذا الأمر يصدر من جهة رسمية مفوضة لذلك.
د- صرف النفقة: أي صرف قيمة النفقة المحددة سابقا للشخص صاحب العلاقة،وقد تكون عملية الصرف (الدفع) نقدا أوشيكا مهما كان نوعه.
3-3-2- تحصيل الإيرادات العامة
تقوم الجهات الحكومية المختلفة وذات صاحبة الاختصاص بتحصيل ما ورد في الموازنة (بنود الإيرادات العامة)،وهذا طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها ولا يجوز لأي جهة كانت أن تتجاوز صلاحياتها المخولة لها قانونيا والقاعدة هي (عدم تخصيص الإيرادات العامة ) وهي تعني أن تختلط جميع الإيرادات التي تحصلها الخزانة لحساب الدولة في مجموعة واحدة بحيث تمول كافة النفقات العامة للدولة دون تمييز بين إيراد وآخر حسب مصدره.
كثيرا ما يحدث في الحياة العملية اختلاف بين الإيرادات المتوقعة والإيرادات المحصلة فعلا.
فإذا كانت الإيرادات المحصلة فعلا أكبر من ما هو متوقع أي أن هناك فائض في الخزانة العامة في هذه الحالة يتم تحويل الزيادة (الفائض) إلى المال الاحتياطي.
أما إذا كانت الإيرادات المتوقعة أكثر من الإيرادات المحصلة فعلا أي تصبح النفقات أكبر من الإيرادات المحصلة فعلا أي تصبح النفقات أكبر من الإيرادات وبالتالي ظهور عجز في الموازنة (الخزانة العامة)، وعلى الدولة أن تغطي هذا العجز وذلك عن طريق:
- فرض ضرائب جديدة أو زيادة معدلات الضرائب القائمة.
- الإصدار النقدي الجديد.
- كما تلجأ إلى الاقتراض.
أما إذا تبين خلال عملية تنفيذ الميزانية أن الاعتماد المخصص لغرض ما غير كافي سواء كان ذلك نتيجة خطأ في التقدير أو نتيجة ظروف طارئة فعندئذ تلجأ الحكومة إلى السلطة التشريعية للموافقة على فتح اعتمادات إضافية والتي تشمل:
- الاعتمادات التكميلية: وهي التي تقرر لتكملة إعتمادات واردة في الموازنة ولكن يتضح أثناء التنفيذ عدم كفايتها.
- الاعتمادات غير العادية: وهي الاعتمادات التي تقرر لمواجهة نفقات جديدة لم تكن واردة أصلا في الوازنة غير أنها تكون ضرورية ومهمة بسبب حدوث ظروف كانت غير متوقعة أثناء إعداد الموازنة.
والواقع أنه بعامل المرونة الذي ينبغي أن تتسم به الموازنة العامة أثره على التنفيذ وهي ضرورية لضمان نجاح مرحلة التنفيذ.
4- مراقبة تنفيذ الموازنة العامة
4-1- مفهوم مراقبة تنفيذ الموازنة العامة
يمكن تعريف مراقبة تنفيذ الموازنة بأنها الوسيلة الفعالة لمراقبة الأموال العامة إنفاقا وتحصيلا، ومن هنا يتضح أن المراقبة هنا تشمل كل من النفقات والإيرادات.
فبالنسبة للإيرادات يكون الهدف هو التأكد من تحصيل كل أنواع الإيرادات المنصوص عليها في الموازنة العامة مع إزالة كل العراقيل التي تعيق عملية التحصيل.
أما مراقبة تنفيذ النفقات يكون الهدف هو التأكد من أن الإنفاق يتم بالشكل الذي ارتضاه البرلمان لكونه الممثل للشعب باعتباره الممول الأصلي للدولة، وما يدفعه من ضرائب هو جزء من دخول أفراد الشعب،ولما كانت الموازنة تهدف إلى تحقيق أهداف اقتصادية، اجتماعية وسياسية،لذلك يمكن القول أن مراقبة تنفيذ الموازنة هي الضمان الحقيقي لتحقيق هذه الأهداف (أهداف المجتمع) ومن ثم ضمان الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة وفي نفس الوقت التعرف على نقاط الضعف وتلاقيها.
إن مراقبة تنفيذ الموازنة تستمر بعد انتهاء السنة المالية وذلك من خلال دراسة الحسابات الختامية ومقارنتها بالتقديرات الواردة في الموازنة.
4-2- أنواع مراقبة تنفيذ الموازنة
يمكن تجميع الأنواع المختلفة لمراقبة تنفيذ الموازنة في ثلاث مجموعات رئيسية،نحاول عرضها بإيجاز فيما يلي:
4-2-1- من حيث نوعية المراقبة
حيث تنقسم المراقبة إلى شكلية وأخرى نوعية.
أ- المراقبة الشكلية: يطلق عليها كذلك اسم المراقبة الحسابية وتتضمن مراقبة الدفاتر الحسابية بالإضافة إلى كل المستندات الثبوتية المتعلقة بالصرف والتحصيل، كما تهدف هذه المراقبة إلى التأكد من صحة تطبيق القوانين واللوائح المالية كالتحقق من تطابق الصرف للإعتمادات الممنوحة لكل من بنود الموازنة، وفي حالة التجاوز لابد من التأكد من الحصول على ترخيص سابق من الجهة المختصة.
ب- المراقبة الموضوعية: يقصد بالمراقبة الموضوعية أو كما تسمى بالمراقبة التقييمية بتقييم النشاط الحكومي للتعرف على مدى تحقيق أهداف الموازنة ومن ثم مدى تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية عامة والسياسة المالية خاصة.
وللقيام بهذه المراقبة يستدعي الأمر وضع معايير وتتخذ أساسا للتقييم.
ويتمثل مضمون هذا النوع من المراقبة في مراجعة حسابات التكاليف والأعمال ومقارنتها بالتكاليف النمطية، ومراجعة نتائج الأعمال والعائد منها مقارنة بما كان مستهدفا.
مما سبق يتضح أن فعالية هذا النوع من المراقبة تكون في حالة استخدام موازنة الأداء، أي تترجم الأعمال الحكومية إلى وحدات عمل صغيرة ومحددة مع قياس تكلفتها التقديرية.
4-2-2- من حيث التوقيت الزمني للمراقبة
ويطلق على هذا النوع من الرقابة اسم الرقابة الإدارية، يمكن تقسيمها إلى رقابة لاحقة ورقابة سابقة على الصرف.
أ- الرقابة السابقة على الصرف: وهي رقابة وقائية تمنع وقوع الخطأ المالي، وتعالجه قبل حدوثه، وتمثل الجزء الأكبر الأهم من الرقابة الإدارية، وتكمن مهمتها في عدم صرف أي مبلغ إلا إذا كان مطابقا لقواعد المالية المعمول بها سواء كانت قواعد الميزانية أو القواعد المقررة في اللوائح الإدارية المختلفة. وتقوم بها وزارة المالية باعتبارها المسؤولة عن المال العام وذلك بواسطة المراقبين الماليين.
ومن مزايا هذا النوع من الرقابة تقليل فرض ارتكاب الأخطاء المالية مع المحافظة على المال العام.
ب- المراقبة اللاحقة على الصرف: تبدأ هذه الرقابة بعد انتهاء السنة المالية وقفل الحسابات وإعداد الحسابات الختامية للدولة ويلاحظ أن هذه الرقابة لا تقتصر على النفقات العامة فقط ولكنها تمتد لتشمل الإيرادات العامة كذلك.
فهي ترتكز على اكتشاف الانحرافات والأخطاء والمشكلات واتخاذ الإجراءات التصحيحية لمواجهتها وتجنب حصولها مستقبلا وعدم تفاقمها عند اكتشافها، فهي إذن وسيلة للمحاسبة والوقاية،ولهذا تعرف باسم الرقابة العلاجية.
ويتولى هذه الرقابة جهاز يتمتع بالاستقلال التام أي أنه لا يخضع للسلطة التنفيذية.
والجدير بالذكر أن الرقابة الإدارية أيا كان نوعها لا تعد وأن تكون رقابة من الإدارة على نفسها، أي أنها رقابة ذاتية أو داخلية، طبقا للقواعد التي تضعها السلطة التنفيذية،ولذا فإنها لا تعد كافية للتأكد من حسن التصرف في الأموال العامة.
4-2-3- من حيث الجهة لتي تتولى المراقبة
حيث تنقسم إلى مراقبة داخلية ومراقبة خارجية.
أ- مراقبة داخلية: تتم من داخل الوزارات والمصالح الحكومية ذاتها، حيث يتولى بعض موظفي الحكومة مراقبة موظفي الحكومة الآخرين.
ومضمون هذه الرقابة أن توكل إلى وحدة متخصصة ترتبط بالجهات الإدارية العليا (مصلحة التدقيق والمراقبة) وتعرف بالرقابة الإشرافية التوجيهية،ومن أهم أنواع الرقابة الداخلية هي المراقبة الشخصية والذاتية لكونها نابعة من داخل الفرد وشخصيته ومعتقداته.
ب- مراقبة خارجية: يقصد بها تلك الرقابة التي تقوم بها جهة (هيئة) مستقلة وغير خاضعة للسلطة التنفيذية وتنقسم المراقبة الخارجية إلى مراقبة خاصة ومراقبة تشريعية.
1- مراقبة خاصة: تعتبر هذه الرقابة أكثر أنواع الرقابة فاعلية وتتولى هذه الرقابة هيئة فنية مستقلة عن كل من الإدارة والسلطة التشريعي، وتنحصر مهمتها في رقابة تنفيذ الميزانية والتأكد من أن عمليات النفقات والإيرادات قد تمت على النحو الصادرة به إجازة السلطة التشريعية وطبقا للقواعد المالية المقررة في الدولة وذلك عن طريق مراجعة حسابات الحكومة ومستندات التحصيل والصرف ومحاولة كشف ما تتضمنه من مخالفات ووضع تقرير شامل عن ذلك.
والهيئة التي تقوم بالرقابة الخاصة (المستقلة) تختلف من دولة إلى أخرى، ففي فرنسا مثلا تتولى هذه الرقابة هيئة قضائية مستقلة(محكمة الحسابات) وفي الجزائر المجلس الأعلى للمحاسبة.
2- رقابة تشريعية: تتمثل هذه الرقابة في حق السلطة التشريعية (البرلمان) في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية للحكومة وتتمثل تلك الرقابة، التي يطلق عليها كذلك الرقابة السياسية في مطالبة المجالس النيابية للحكومة بتقديم الإيضاحات والمعلومات التي تساهم في التأكد من سير العمليات الخاصة بالنفقات والإيرادات العامة، سواء تم ذلك في صورة أسئلة شفوية أو خطية أو حتى بالاستجواب،وعلى هذا فإن الرقابة التشريعية على الموازنة العامة تتمثل في مرحلتين: المرحلة المعاصرة لتنفيذ الميزانية والمرحلة اللاحقة على تنفيذ الميزانية العامة للدولة.
وختام دراستنا لأنواع الرقابة على تنفيذ الموازنة،تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من وجود بعض العيوب لكل نوع من أنوع الرقابة إلا أن كلا منهما يعتبر ضروريا لما له من مزايا، وباعتبار أن الأنواع المختلفة للرقابة تكمل بعضها البعض.
وأخيرا يحسن التنويه إلى أن السلطات تستطيع من خلالها استخدمها أي أداة من الأدوات المشار إليها فيما سبق تحقيق أغراض مختلفة عديد هو ما يسمى بآلية عمل السياسة المالية، وفي هذا الصدد ويشير أحد المختصين إلى ذلك فيقول"
Among the revenue instruments, the most important role is played by taxes; however, governments rely also on fees, on the prices of public utilities, and on sales of assets. In addition to providing revenue, each tax can also be used to achieve particular goals. For example, important duties can be used to influence the balance of payments; excise taxes can be used to influence consumption patterns, and so on."
من بين آليات الدخل تلعب الرسوم دورا جد هام غير أن الحكومات تستند كذلك على الإتاوات، أسعار الخدمات العمومية، وعلى مبيعات الأصول. بالإضافة لتوفير الدخول، يمكن استخدام كل رسم لتحقيق أهداف خاصة مثلا، تصدير الأعباء قد يستخدم للتأثير على ميزان المدفوعات الرسوم الإضافية قد تستخدم للتأثير على نماذج الاستهلاك وهكذا.
المصدر:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]